![]() |
و ماذا عن الفيروس الأخطر ؟
عندما هاجمنا فيروس كورونا قامت الدنيا إعلاميا وضج المجتمع عندما بدأت الضحايا تتساقط هنا وهناك، وتم استنفار أجهزة الدولة المعنية ورصدت الأموال دون تحفظ لمكافحة المرض، بل إن بعض المسؤولين الكبار تم تغييرهم على خلفية عدم الرضا عن أداء أجهزتهم خلال ذروة الأزمة. كل ذلك حدث رغم أن الحالات لم تتجاوز إلى الآن حدود الألف، وعدد الضحايا لم يتجاوز النصف. في المقابل لدينا فيروس أكثر فتكا وأشد وطأة وأسوأ أثرا، صحيا واجتماعيا واقتصاديا، يجوس في كل مدينة وقرية منذ عشرات السنين مخلفا المآسي والكوارث التي لم تسلم منها عائلة ولم ينج منها بيت، ومع كل هذا السوء لم نبذل أقل القليل من أجل مكافحته كما يتطلب الأمر. يوم أمس، أعدنا وكررنا الخبر المعتاد الذي نقرأه منذ زمن بعيد وكأنه خبر عابر لا يهم أحدا، فقد نشرت إحدى الصحف أن الإحصائية المرورية الحديثة أكدت حدوث حالة وفاة كل 70 دقيقة في المملكة، وفي منطقة واحدة لا أكثر هي الشرقية صرح مدير مرورها عن حدوث 3500 إصابة و928 حالة وفاة خلال عام 1435. نحن نتحدث عن هذا العدد الكبير من الوفيات في منطقة واحدة، وبالتأكيد ستكون إحصائية الإصابات والوفيات في كل المناطق كارثية عندما نعرفها، ورغم ذلك سنعيد ونكرر الخبر كل عام ومع كل مناسبة ثم يمر مرور الكرام. ما زلنا نحتل المرتبة الأولى عالميا في حوادث وإصابات ووفيات الطرق، ليس الطويلة التي تربط بين المدن فحسب، ولكن حتى داخل المدن، بل وبين القرى الصغيرة. حالة سريالية لا يمكن وجود مثيل لها في أي دولة أخرى مهما كان سوء طرقها وتدني ثقافة مجتمعها. ولربما تتذكرون آخر فاجعة من فواجع التفحيط التي حدثت في خميس مشيط قبل أيام أمام مرأى الجميع وحصدت مجموعة من الشباب في لحظة خاطفة، مجرد مثال واحد على رخص قيمة الإنسان والاستهتار بحياته، والذي يتأكد بشكل كبير عندما لا تنخفض نسبة الحوادث مع الوقت بل تزيد.
هل هي معجزة مستعصية أن نجد حلولا لهذا الفيروس القاتل. حتما لا توجد معجزة لو أردنا وصممنا، لكننا نتعامل مع المأساة بشكل لا يتفق مع خطورتها ومأساويتها. حمود ابو طالب عكاظ |
الساعة الآن 06:11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL