الترفيه ... الترفيه
 

قبل أيام أعلن عن تفاصيل مشروع القديّة الترفيهي، وإعادة إحياء حدائق الملك عبدالله، وقبلهما الاستراتيجية الطموحة لهيئة الترفيه، ومشروعات ترفيهية ضخمة متتالية، كلها تؤكد أن قطاع الترفيه أضحى ركنًا أساسيًا من اقتصاد المملكة.

في الحقيقة، أتعجب كثيرًا ممن ينادي بتجاهل فرص الترفيه، بحجة التركيز فقط على المشروعات وبرامج الدعم، رغم أن الترفيه أمسى أحد أهم المشروعات التنموية، التي تعود بالنفع المتتالي على الاقتصاد الوطني، سواء على مستوى توفير الوظائف المباشرة وغير المباشرة، أو جذب رؤوس الأموال، وتحريك دورة المال الوطني.

ولعل أهم ما يزيد جاذبية المشروعات الترفيهية، أنها ستخفف من نزف خروج الأموال المحلية لصرفها على الترفيه خارج المملكة، إضافة إلى اجتذاب السياح، وبالتالي ما ينفقون داخل المملكة، مثلما حدث في سباقات الفورميلا إي في الدرعية، أو مهرجان جدة الموسيقي مؤخرًا، كما أن المشروعات الترفيهية تتميز بكونها جزءًا من المنظومة السياحية التي يمتد أثرها الاقتصادي نحو جميع شرائح المجتمع، على عكس كثير من المشروعات الأخرى.

تنفق الأسر السعودية نحو 30.5 مليار ريال على الرحلات السياحية خارج المملكة، وبالذات خلال موسم الصيف، حسب تقرير مركز المعلومات والأبحاث السياحية التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وبالتأكيد فإن حصة كبيرة من هذه المليارات تصرف على فعاليات الترفيه المتنوعة، من سينما وحفلات موسيقية ومسرح وغيرها، ولك أن تتصور عظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي عندما يُنفَق جزءٌ معتبر من تلك الأرقام على الترفيه داخل بلادنا. وغني عن القول أن فتح المجال لازدهار فعاليات الترفيه لا يعني توقف الاستثمار في مصارف التنمية من مدارس وطرقات ونحوهما، بل هي مسار إضافي يرفع من كفاءة التشغيل للبنية الأساسية، ويشجع القطاع الخاص على الاستثمار المباشر في البنية الأساسية وغير المباشر في الاقتصاد الوطني.

أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا، وها نحن رغم بدايتنا المتأخرة في الترفيه، إلا أننا نحقق قفزات متتالية بشهادة المراقبين من خارج المملكة، فبرامج هيئة الترفيه تكاد تغطي معظم مناطق المملكة، وهي تستهدف جمهورها الأكبر وهم الشباب، الذين يمثلون غالبية تعداد المملكة.

كل يوم يزداد تفاؤلنا بالترفيه، كلما زادت الفعاليات وتنوعت، وكلما تعمق الترفيه أضحى جزءًا أساسيًا من دورة الاقتصاد الوطني، إلا أن التحدي الأكبر لقياس نجاح قطاع الترفيه - هو بناء بيئة تنظيمية جذابة ومحكمة من قبل الهيئة العامة للترفيه، ذلك أن هذا القطاع لا يمكن أن ينضج ويتوسع إلا عبر مبادرات القطاع الخاص؛ حيث تحضر المرونة والابتكار، وعبر القطاع الخاص يتطور القطاع ويتوسع، ويمسي مصدر توظيف لأبناء وبناء المملكة، ودخلٍ مادي لا يستهان به.

جريدة الرياض
عبد الرحمن السلطان

رد: الترفيه ... الترفيه
 

اشكرك استاذنا الفارس