كان الهدوء يخيم على المكان فلا دوريات أمن للطرق تسلك هذا الطريق ( علما بأن تم تسيير دوريات أمن الطرق بعد حادثتي هذه ببضعة أشهر )ولا أناس تراها صاحية في مثل هذا الوقت ولا سيارات صغيرة تمر بهذا الطريق الموحش المقفر من بعد مغيب الشمس وحتى إشراقة اليوم التالي إلا مثل عدد أصابع اليد الواحده ماعدا الشاحنات الكبيرة التي تسلك هذا الطريق طوال الليل . أضف إلى ذلك أن هذا الطريق قد حدثت به بعض حوداث التشليح سابقا (والتي إنتهت بفضل الله ثم بفضل أمن حكومتنا الرشيدة ورجالها البواسل ) .
ومازاد الطين بلة عدم حملي لأي سلاح يحميني ومن معي ( وهذا ثالث أخطائي ).
قمت فورا وبدون أي تردد بالإتصال على الرقم 996 الخاص بأمن الطرق فأجابني صوت أحد المناوبين وشرحت له ماحصل معي فرد علي بقوله ( إنتظر وسوف نرسل لك المساعدة ) .
إنتظرت لمدة نصف ساعة ولم يأت أحد فأعدت الإتصال فكان نفس الصوت ونفس الإجابة . وفي أثناء ذلك توقف عندي صاحب سيارة وعرض علي المساعدة واعطاني مفتاح الإطار الخاص به وقال لي سوف أذهب لأبلغ المركز وأحثهم بأن يأتو إليك .
ولم تأتيني المساعدة . فقمت من شدة غضبي وتهوري وبحكم معرفتي السابقة بشهامتهم بإعادة الإتصال على مناوب المركز وقلت له : يأخي العزيز أنا متعطل بسيارتي بهذه الوقت المتأخر وهذه الليلة الباردة ومعي أهلي وأنتم لم تهتمو بالمجيء إلي ... يأخي إذا لم تكن لديكم الرغبة بالمجيء إلي لمساعدتي أرسلو من يسلك هذا الطريق وأوصوه بي خيراً .
إنتهيت من كلامي وإذا به هاديء ويقول لي : إصبر وسوف تأتيك المساعدة ولا تستعجل يأخي فنحن في خدمتك .وسوف تصلك المساعدة .
قاربت الساعة الآن الثانية صباحاً . وإذا بدورية تأتي وتركن خلف سيارتي فينزل منها أحد أفراد القوة ويبتسم في وجهي وألق السلام وإعتذر لي عن تأخرهم بقوله : لقد كان لدينا حالة هروب من محافظة العلا لسيارة وأشخاص مشبوهين وأظنك رأيتها قد مرت مسرعه من جانبك . وقد إنشغلت دورياتنا بها .
( فعدت بذاكرتي للوراء قليلاً فأدركت أنه صادق في كلامه فقد مرت من جانبي قبل حوالي ساعه سيارة مسرعه إهتزت سيارتي وهي واقفة من سرعتها ) .
وفي أثناء ذلك توقفت أخرى وراء الدورية الأولى وإذا بفرد آخر يترجل منها ورد السلام علي وإعتذر بعذر زميله . فما كان مني إلا أن هدأ غضبي لأعذارهم التي أدركت صحتها .
سألوني مامشكتلي . . . أجبتهم . . . تفقدو السيارة وجدو أن كلامي صحيح بما يناسب مشكلتها .
أتحسبون أنهم إعتذرو عن مساعدتي ؟
لا والله بل قامو وعلى الفور بالإتصال بزملائهم بالمركز يسألونهم عن مفتاح خاص بسمامير سيارتي ... ولم يجدو شيئاً .
قلت لهم في هذه اللحظة : جزاكم الله خيراً وشكراً لكم لا أريد أن أتعبكم سوف يأتي من يساعدني أو إذا أردتم أقلونا إلى أحد الشقق الموجوده بمركز الجهراء لإستئجارها .
أتحسبونهم تركوني لوحدي وذهبو بحجة عملهم وأنهم مشغولون ؟ أو أنهم أقلوني مثلما أردت ؟
لا والله ... بل بقي واحد منهم معي بدوريته الرسمية وقام بإطلاق الأنوار المضيئة العلوية للدورية ( السيفتي ) لحراستي . وأما الآخر فقد ذهب يبحث عن مفتاح لعجلات سيارتي عند البناشر بمركز الجهراء .
مكث معي أحدهم وطلب مني ان أمكث معه بالدورية عن البرد القارس وإن أردت أذهب وأستريح مع أهلي بسيارتي . وذهب الاخر بدوريته للبحث .
بحث ولم يجد ... فعاد ... والساعة الآن حوالي الثالثة صباحاً . ونحن نقبع في مكاننا .
ذهب مرة أخرى يبحث في أماكن أخرى ولم يجد .
إعتذرت منهم مرة أخر وطلبت منهم العودة لعملهم فرفضو .
وبعد عدة ساعات سألتهم هل تعرفون فلان فأجابو بأنه زميلهم ( لكي يعلم الذي يعلم أن رجال أمننا لا يساعدونك لمجرد معرفة سابقة فقط أو لمجرد معرفتهم لأحد الأشخاص ... بل يساعدون الجميع سواء بمعرفة أو غيرها ) .
وفي أثناء جلوسنا عل هذا الوضع : كانت كل سيارة تمر ينزلون من دورياتهم ويؤشرون لها بالإيقاف ويسألونه عن حل مشكلتي هل هي معه أو لا . ولم يجدوها . ( وأقسم بالله أقسم بالله أقسم بالله : لو رأيتم منظرهم وهم يساعدونني وينزلون ويوقفون السيارات لمساعدتي بلباسهم الرسمي لسوف ندرك جميعا بأننا لسنا على خطأ عندما نفخر برجال أمننا البواسل وتضحياتهم وسهرهم وتعبهم علينا .
وإستمرينا على وضعنا هذا حتى الساعة السابعة صباحا ( حينها سألتهم هل إنتهت مناوبتكم فرد علي أحدهم ... ( حتى لو إنتهت مناوبتنا فلن نتركك وعائلتك بهذا المكان لوحدك ) .
وعند الساعة الثامنة صباحا لاح لنا الأمل بفضل الله فأوقفو أحدى الشاحنات (مشكور قائدها ) ( مع العلم بأن أكثر من 3 شاحنات لم تتوقف عندما كنت لوحدي وقامو بإطلاعه على مشكلتي وطلبو منه المساعدة فقام بمساعدتنا فورا . وقمنا بشكره .
ولم يسمحو لي هؤلاء البواسل بأن أخلع مسمارا واحدا حتى وقامو هم بإصلاح سيارتي وعندما إنتهو منها شكرتهم جزيل الشكر على مافعلوه وإعتذرو لي عن تأخرهم .
شكرا لكم يارجال الأمن وخصوصا أمن الطرق على مابذلتموه معي ومع غيري من المواطنين .
شكرا لكم يا :
الجندي : مهدي الشمري .
الجندي : الجدعي الشمري .
مركز أمن الطرق بالجهراء ( منطقة تبوك )
شكرا لك ياصاحب السيارة التي توقفت عندي في البداية : ابراهيم العنزي .
وشكرا لك ياقائد الشاحنة التي ساعدتنا .
الأسئلة التي تطرح نفسها الآن :
هل لو كنا في بلد آخر سوف نجد نفس التضحية والمساعدة ؟
هل الهجوم على رجال الأمن من بعض السفهاء والجاحدين بوصفهم رجال الأمن لا يساعدون الناس ... وهذه فعلة رجال أمننا ؟
ملاحظة : خذو العبرة من أخطائي لكي لا تتكرر معكم .
تحياتي لكم يارجال الأمن السعودي .