المفتاح ..
المدح .. هو مفتاح القلوب ..
نعم .. من أجمل مهارات الكلام أن تكون مبدعاً في تعويد نفسك على اكتشاف صواب الآخرين .. ومدحهم والثناء عليهم به .. قبل الانتباه إلى خطئهم ..
ويتأكد ذلك عندما تريد أن تنبه شخصاً إلى خطأ ما ..
كثير من الناس يَرُد النصيحة لا لأجل تكبره عنها .. أو عدم اقتناعه بخطئه ..
وإنما لأن الناصح لم يسلك الطريق الصحيح لتقديم النصيحة ..
استخدم العبارات اللطيفة في إصلاح خطأ الآخر .. كن مؤدباً .. محترماً لرأيه .. قل له : أنا ما أنصحك إلا لأني أعلم .. أنك تقبل النصح ..
وفي التنزيل العزيز يقول الله ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )
وقد كان المربي الحكيم صلى الله عليه وسلم يستعمل طرقاً ومهارات تجعل من يعدل سلوكهم لا يملكون إلا أن يقبلوا منه ..
أراد صلى الله عليه وسلم يوماً أن يعلم معاذ بن جبل ذكراً يقوله بعد الصلاة ..
فأقبل إلى معاذ وقال : يا معاذ .. والله إني أحبك .. فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..
بالله عليك .. ما علاقة المقطع الأول من الكلام (( والله إني أحبك ))
بالمقطع الثاني " لا تدعن أن تقول اللهم أعني على ذكرك "؟!
قد يكون الأنسب لقوله إني أحبك أن يقول بعدها أريد أن أزوجك ابنتي - مثلاً – أو أعطيك مالاً .. أو أدعوك إلى طعام ..
ولكن أن يتبع خبر المحبة تعليمه ذكراً من أذكار الصلاة .. !! فهذا يحتاج إلى تأمل ..
أتدري ما موقع قوله " والله إني أحبك " ؟ إنه التهيئة لقبول النصيحة .. بمشاعر وفي موقف آخر ..
قبض صلى الله عليه وسلم يد عبد الله بن مسعود بيده اليمني ، ثم وضع يده اليسرى فوقها ، كنوع من العطف والتهيئة ، ثم قال :
يا عبد الله .. إذا جلست في التشهد فقل : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ..
حفظها عبد الله ووعاها ..
ومضت السنين ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فكان عبد الله يفخر بذلك ويقول : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفى بين كفيه ..
وفي يوم آخر لا حظ صلى الله عليه وسلم أن عمر رضي الله عنه إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر الأسود .. زاحم الناس وقبله .. وكان صلباً قوي البدن .. وربما زاحم الضعفاء ..
فأراد صلى الله عليه وسلم أن يقدم له نصيحة .. فقال – على سبيل التهيئة لقبول النصيحة :
يا عمر إنك رجل قوي .. فرح عمر بهذا الثناء ..
فقال صلى الله عليه وسلم : فلا تزاحمن ِ عند الحجر ..
ومرة أراد أن ينصح ابن عمر بقيام الليل .. فقال : نِعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل ..
وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل .. فترك قيام الليل..
باختصار
أسرف في المديح .. واقتصد في النقد ..
نقلته لكم باختصار من كتاب
( استمتع بحياتك )
للدكتور / محمد بن عبد الرحمن العريفي
جزاه الله كل خير [/COLOR][/SIZE][/FONT]