الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتـدى الــمــواضـيـع الــعــامــة خاص بالمواضيع المنوعة التي ليس لها قسم مخصص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-09-10, 03:08 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اعضاء الشرف
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 4062
المشاركات: 5,172 [+]
بمعدل : 0.81 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 731
نقاط التقييم: 10
أبوسليم is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
أبوسليم غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتـدى الــمــواضـيـع الــعــامــة
افتراضي حكاية الوزغ




د. هيثم طيب



(1)

خلق الله السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور..

واستجاب الكون كله للسنن الربانية التي صاحبت هذا التخليق فظهر الحق والباطل واتخذ كل واحد منهما لنفسه فريقاً..

وبدأت المدافعة بين النور والظلام.. وبين الهدى والضلال.. وبين آدم وإبليس..

وفي كل يوم معركة.. وفي نهاية كل واحدة منها يرفع الحق رأسه ويذوب الباطل كمداً وخجلاً..

يقرر القرآن هذه الحقيقة ويضرب الله لنا في كتابه أروع مثال فيقول سبحانه: "أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب اللَّه الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال"..

فالحق يدوم والباطل يتلاشى.. حقيقة أثبتها التاريخ وواقع يعيشه الناس في كل زمن..

ولكن.. في ركن ما من أركان هذا الكون الفسيح زاوية مظلمة تحوي شقوقاً أشد ظلاماً تزحف فيها كائنات نتنة تقتات على الباطل وتنفث السم وتتناسى حقائق التاريخ وتتعامى عن سنن الله في كونه..

ومن هناك بدأت حكاية الوزغ!

(2)

في يوم من أيام التاريخ التي مضت ولا تنسى اجتمع عدد من الناس ورفعوا إبراهيم فوق رؤوسهم..

لم يرفعوه حباً له ولا تقديراً لجهده ولا امتناناً لدمه النازف و عرقه المنصب، بل رفعوه ليقتلوه وليجعلوا منه مثالاً لكل من تسول له نفسه أن يقول ربي الله..

وألقي إبراهيم في النار وتعالت أصوات السفهاء حول النار ابتهاجاً بجريمتهم النكراء..

وانفجر الكون غضباً.. وتدافعت الدواب التي كانت حول النار نحو المحرقة محاولة أن تطفيء لهيبها..

إلا دابة واحدة أسرعت إلى النار وبدأت تنفخ عليها ليحترق إبراهيم..

وكانت تلك الدابة هي الوزغة..

جاء في كتاب الترغيب والترهيب " أن إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار لم تكن دابة في الأرض إلا أطفأت النار عنه غير الوزغ ، فإنه كان ينفخ عليه ، فأمر رسول الله بقتله"، وفي صحيح البخاري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ"، وقال "كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام"، وفي صحيح مسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقا ً"..

كان يكفي الوزغة جرماً أن "تتفرج" على أحداث الفعلة الآثمة..

لكنها قررت أن تنفخ النار على خليل الله..

فاستحقت لقب الفويسقة.. واستحقت عقوبة القتل..

ونفاها قرارها إلى "سلة مهملات" التاريخ!

(3)

ولم تكن تلك هي اللحظة الوحيدة التي ظهر فيها هذا السلوك المشين ففي كل مرة يتصارع فيها الحق والباطل ينقسم الناس وتتمايز صفوفهم ويرى المرء عجباً..

يرسل الله نوحاً إلى قومه فيكذبونه ويعادونه.. وامرأته معهم ضده..

ويرسل الله لوطاً إلى قومه فيكذبونه ويعادونه.. وامرأته معهم ضده..

ويتعجب المرء من هاتين المرأتين..

كل واحدة منهما تحت نبي من أنبياء الله ويكفيها سخفاً وذلاً أن تكذبه وأن تعصيه وأن "تتفرج" على معاناة زوجها مع قومه..

لكنهما قررا أن يتماديا في الباطل فخانتاهما في الدين وناصبتاهما العداء..

فقيل "ادخلا النار مع الداخلين" وأصبحتا مثلاً للذين كفروا..

رغم أن تكوينهما الجسدي "بشري".. إلا أن سلوكهما أشبه بسلوك "الوزغ"!

(4)

وتستمر الحكاية..

تشرق الدنيا بنبوة سيد ولد آدم.. صلى الله عليه وسلم..

وينقسم الناس.. مصدق ومكذب..

وفي كل يوم يزداد عدد المسلمين.. وفي كل يوم يزداد نفر من الكافرين عناداً وكفراً..

ويبرز أبولهب..

وينزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم الدين..

يرى ابن أخيه يصبح نبياً.. فيسخر منه ويدعو عليه ويتآمر لإيذائه..

يرى أخاً له يدافع عن ابن أخيهما.. فيلومه ويعذله..

يرى أخاً له آخر يصدق ابن أخيهما.. فيتعجب منه ويناصبه العداء..

أبو لهب.. الشخص.. القصة.. الكره.. العداء.. العناد.. الغباء..

كان يقدر أن يكون إنساناً صالحاً.. صحابياً جليلاً..

وكان يقدر أن يستمر مشركاً.. لكن مسالماً نبيلاً..

لكنه قرر أن يكون عدواً لله ولرسوله..

قرر أن يكون أثيماً باغياً طاغيةً..

قرر أن يكون "وزغة"!

(5)

لماذا يختار بعض الناس أن يكونوا من "الوزغ"؟

خلق الله الإنسان من طين ثم نفخ فيه من روحه.. واستودع في نفسه الفطرة..

فكلما قوي جانب الروح فيه سما وعلا واقترب من السماء وتعلق بنعيم الآخرة و تحكم بشهواته وأصبح المال في يده وذابت الرياسة والشهرة من مفردات حياته.. وصار نور فطرته كالسراج ينير له دربه في هذه الحياة..

وكلما قوي جانب الطين في هذا الإنسان ثقل واقترب من الأرض وتعلق بحطام الدنيا وغلبته شهواته فتملكه حب المال وحب الرياسة وحب الشهرة.. وأخذ نور فطرته يضعف ويضعف.. وربما كاد ينطفيء..

ومن الناس من ينطفيء نور فطرته فيصيبها "تشوه" مقيت تظهر آثاره على صاحبها.. فالظلام بين عينيه.. والسواد في قلبه.. والخشونة في ملمسه.. والبرود في عواطفه.. وينتهي الأمر بهذا الشخص فيصبح "وزغة"..

فيكره أن تكون للحق دولة.. ويكره أن يكون للناس صوتاً..

ويكره أن يكون العفاف شعاراً.. ويكره أن تكون الرحمة سائدة..

ويكره أن يكون العلم مشاعاً.. ويكره أن يكون الدين منهاجاً..

شعاره "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا" و "لا تنفقوا على من عند رسول الله" و "ما أريكم إلا ما أرى" و "إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم" و "إنما أوتيته على علم عندي"..

باختصار.. الإنسان "الوزغة" يكره لنور الله أن يتم..

(6)

لا يكاد يمر يوم من دون أن يتصارع الحق والباطل..

وفي كل يوم ينقسم الناس وتتمايز صفوفهم..

وفي كل يوم يخرج من تلك الشقوق النتنة نفر من "الوزغ"..

يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم.. وجهلوا أن الله متم نوره..

يريدون ليحزن الذين آمنوا.. وغفلوا أنهم ليسوا بضاريهم شيئاً إلا بإذن الله..

يمكرون بالذين آمنوا ليثبتوهم أو يقتلوهم أو يخرجوهم.. ونسوا أنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين..

فلا يظنن المسلم أن الحياة تخلو من "الوزغ"..

ولكن ليعلمنّ أن الله يدافع عن الذين آمنوا.. ولينصرنّ الله من ينصره.. إن الله لقوي عزيز!

د. هيثم طيب















عرض البوم صور أبوسليم   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL