يبدو المبعوث الدولي للأزمة السورية، كوفي أنان، وكأنه يلعب بالنار، عبر خطته التي تقترح «تشكيل حكومة وحدة وطنية سورية قد تضم أعضاء من الحكومة والمعارضة لكنها تستبعد من قد تتسبب مشاركتهم في تقويضها». لأن الخطة بذلك، تفسح مجالاً جديداً للصراع عبر نفس الوجوه التي شاركت في حملة القتل المنظم، وتضعها بجانب الضحايا والشهداء والذين دفعوا الثمن الأفدح من الشعب السوري الشقيق.
ولا نعرف، كيف يتحدث أنان عن «المستقبل المشترك» في اجتماع الغد، وكيف يمكن لعاقل أن يعتبر حسب خطة أنان أن «الصراع في سوريا لا يمكن أن ينتهي إلا حينما ترى كل الأطراف طريقا سلميا إلى مستقبل مشترك» فأي مستقبل هذا الذي يساوي بين القاتل والمقتول؟ وأي مستقبل آمن هذا الذي يجعل من المجرمين شركاء في الحكم في مرحلة ما بعد الأسد؟.
المقصود بالطبع، هو تمرير بقاء المسؤول الأول عن الجريمة وما يتلوها من مذابح على الأرض، وهو الرئيس بشار الأسد، وبالتالي أيضاً فإن كل الخطوات تشمل «تشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل إيجاد خلفية محايدة للانتقال».. أليس هذا التعبير وحده كافياً للضحك والسخرية والمرارة.؟
الروس أول من هلل لهكذا مقترح، يضع خارطة طريق تصب في مصلحة استراتيجياتهم الداعمة لنظام الأسد، والمشاركة في حربه ضد شعبه، الولايات المتحدة التي يهمها للأسف بقاء الأسد، كحامي للعرين الإسرائيلي الذي يرى في الأسد جبهة نائمة تضمن استمرار احتلال الجولان، وتقاوم فقط بالكلام والشعارات، لم تخف ترحيبها، حتى ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وصفت خطة أنان بأنها «مفصلة ومتينة للانتقال السياسي».. مشيرة أيضاً إلى أن الخطة «تجسد المبادئ المطلوبة لاي انتقال سياسي في سوريا يمكن ان يقود الى نتيجة سلمية وديموقراطية وتمثل اراء الجميع وتعكس ارادة الشعب السوري».
هذا الالتفاف على الجرائم الأسدية، يعطي انطباعاً بأن الشعب السوري الآن، هو من يجب أن يحسم مصيره بنفسه، ولا يعتمد على أي أحد، أو يسعى لمساعدة من أحد، لأنه يريد الآن «الحياة» حتى لو أراد له الآخرون القبول بالموت والقتل والسحل تحت حراب النظام.