د. فوزية: لماذا وصلنا إلى هذا المستوى من الأخلاق؟
«عقدة الدال» تفضح «المرتزقة» وتنذر بجيل من المزورين!
بعض الأفراد يدفع المال للحصول على الشهادة العلمية على أمل الوصول إلى مناصب عليا
جرية الرياض - هدى السالم
تزوير الشهادات أو تزوير الدرجات.. تجاوزات تهدف لنيل مستويات علمية وأكاديمية غير مستحقة، شعارها: "الغاية تبرر الوسيلة"، ومن هنا شددت وزارة التعليم العالي على عدم تذييل التوقيع الرسمي لأي مسؤول تحت أي اسم علمي، ما لم يكن معترفاً به من الجهات ذات الاختصاص، وما عدا ذلك يصبح عرضة للمساءلة.
والسؤال: كيف يرى الأكاديميون وأصحاب الرأي والاختصاص هذه المشكلة؟ وهل هذا التشديد كافٍ من وجهة نظرهم؟، وما مقترحاتهم للحد من هذه القضية؟.
نظرة المجتمع
في البداية قالت "د. فوزية محمد أخضر" - مدير عام التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم سابقاً وعضو النظام الوطني للمعوقين وعضو مجلس إدارة الجمعية الوطنية للمتقاعدين: إن السؤال الجوهري في هذا الموضوع، هو لماذا وصلنا إلى هذا الحال؟ مضيفةً أنها تعتقد أن ذلك بسبب النظرة المجتمعية القاصرة في تقويم الشخص وخبراته بالشهادة التي يحملها، من دون أي اعتبارات أخرى، مبينةً أن ذلك بدوره يجعل الأشخاص يسعون إلى الحصول على الشهادات العلمية لإثبات الذات فقط، خاصة عندما يرون أن من هم أقل منهم معرفة وعلما وثقافة قد حصلوا على مناصب عليا بسبب تلك الشهادة، أو حرف "الدال" الذي يسبق الاسم، حتى لو كان لا يستحق هذا المنصب، مشيرةً إلى أنها أصبحت في يومنا هذا ظاهرة سلبية تحتاج إلى وقفة صارمة، ذاكرةً أن هذا لا يمنع من التشجيع على التثقيف والتعلم الذاتي للجميع؛ لمواكبة متطلبات العصر.
ويجب أن نفرق بين الشهادة المزورة التي يحصل عليها الشخص بمقابل مادي وهو ليس لديه خلفية عن ذلك التخصص أو العلم، وبين التعليم من خلال "الإنترنت"، أو التعليم عن بعد بالمراسلة وبالانتساب الجزئي أو الكلي، أو التعليم الإلكتروني (Distance Learning أوResident education)، الذي هو إحدى طرائق التعليم الحديثة نسبياً، الذي يعتمد مفهومة الأساسي على وجود المتعلم في مكان يختلف عن المصدر الذي قد يكون الكتاب أو المعلم أو حتى مجموعة الدارسين.
شروط تعجيزية
وأضافت أنها مرت بأكثر من تجربة في هذا الموضوع ولأكثر من مسؤول وبخصائص مختلفة، وحول ردة فعلها تجاه ذلك قالت: بعد أن قومت هذا المسؤول الذي أمامي وخلفيته عن التخصص أو الشهادة التي حصل عليها وكانوا على أنواع مختلفة، فهناك الشخص الذي كان يحمل شهادة وهو لا يعرف ما هذا التخصص الذي يحمله، بل كان واضحاً أنه حصل على هذه الشهادة فقط للحصول على المنصب الذي كان مع الأسف لا يستحقه، وفي المقابل كان هناك شخص آخر يحمل نفس الشهادة والتخصص، ولكنه يملك المعرفة والخبرة والثقافة على مدى أوسع بكثير من الشهادة التي يحملها، متسائلةً: هل من المعقول أن يتساوى الشخصان؟، لافتة إلى أن الشروط التعجيزية جعلته لا يحصل على شروط معادلة الشهادة من التعليم العالي؛ بسبب شرط التفرغ للدارسة مثلاً، متسائلةً مرةً أخرى: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟.
تعليم عن بُعد
وتقترح للحد من هذا الأمر على صعيد التشريعات والجهات ذات العلاقة والإعلام، تسهيل وتطبيق التعليم عن بعد من خلال جميع الجامعات الداخلية والخارجية، ومن خلال "قنوات الكابل" والقنوات التليفزيونية وشبكة الأخبار البريطانية BBC، الرائدة في هذا المجال التي تتميز باستخدام "تكنولوجيا" من التعليم تنقل البرنامج التعليمي من موضعه في حرم مؤسسة تعليمية ما، إلى أماكن متفرقة جغرافياً، مبينةً أن ذلك يجذب الأشخاص الذين لا يستطيعون تحت الظروف العادية الاستمرار في البرامج التعليمية التقليدية، وخاصة ذوي الإعاقة، وفي نفس الوقت اتخاذ أسلوب القمع الرادع مع هؤلاء الذين حصلوا على شهادات مزورة عن طريق شرائها بالمال فقط، للحصول على المنصب وحرمان المستحق منه.
تطوير ذاتي
وحول اعتماد معادلة الخبرة بالشهادة العلمية والآليات المقترحة لهذه المعادلة، إلى جانب تشدد وزارة التعليم العالي أمام كثير من الجامعات التي تعترف بها باقي دول العالم، تقول "د. فوزية": لو نظرنا إلى المفاهيم الحديثة في التعليم والتدريب لوجدنا أنها تعني التدريب والتعليم مدى الحياة، وعدم الاكتفاء بحد معين من الثقافة والعلم، ذاكرةً أن المؤسسات والمنشآت تحد من التطوير الذاتي للأفراد وتضع الشروط التعجيزية أمامهم، ما يجعل هذا الشخص يتخذ إحدى الوسائل السابقة الذكر السهلة لتطوير ذاته، وهذا عمل جيد ينبغي أن يشجع الفرد عليه وتحفيزه وليس إحباطه.
خبرة ومعرفة
وأوضحت أن العلماء أشاروا إلى أهمية تلك الوسائل الحديثة في التعليم، حيث يرى العالم "زيجريل" أن التعليم عن بعد هو إحدى صيغ التعليم التي تتصف بفصل طبيعي بين المدرس والطالب، باستثناء بعض اللقاءات التي يعقدها المدرس مع الطالب وجهاً لوجه لمناقشة بعض المشروعات البحثية، أما "ويدمير" فيمضي بالتعريف خطوة أفضل إلى الأمام بالتركيز في المتعلّم الذي يحصل منه على الفرصة على أساس احتياجاته واهتماماته وطموحاته، ويصفه "كوفمان" بأنه التزايد التصاعدي في السيطرة علي الطالب، وفي فرص الحوار والتأكيد علي مهارات التفكير، ناصحةً أن يتم معادلة الخبرة والمعرفة والفهم بالشهادة العلمية، وألا يكون حكمنا على الأفراد في نفس الطريقة والأسلوب؛ لأن ذلك فيه إجحاف وهضم لحقوق بعض مقارنة بالآخر، مثلما حدث مع العالم "أينشتاين".
