تصدير اموالنا الى الخارج !

بين فترة واخرى تعلو اصوات الاقتصاديين رفضا وتذمرا والسبب الرقم المهول للاموال المحولة الى خارج البلاد ممن يعملون في قطاعاتنا الحكومية او القطاع الخاص..
وبالمناسبة هذه الاموال هي نتيجة عمل هؤلاء في مؤسساتنا الخاصة على وجه الخصوص.. وهي تشمل السائق وخادمة المنزل والخبير الذي يعمل في اهم المواقع الحكومية والخاصة.. وهي بالعموم نتيجة عملهم سواء أكان عملا نظاميا او غير نظامي..
حين يعتقد البعض ان هذه التحويلات هي فقط الاموال التي تتسرب خارج عجلة اقتصادنا فهو مخطئ.. هي جزء من اموال كثيرة وكثيرة باتت تتسرب من منظومتنا الاقتصادية ونحن فقط ننقد ونتابع تسربها الى حيث يكون مرونة القرار وسرعة استيعاب المتغيرات الاقتصادية.
امام مجلس الاقتصاد والتنمية تحدي مهم وكبير في كيفية توطين هذه الاموال وخاصة الاموال التي ببقائها سنكون انعشنا الاقتصاد ببعديه المالي والبشري..
مثلا الاستثمارات خارج البلاد تستحق ان نعيد الضوابط التي تنظم العمل الاستثماري لاجل عودتها وتناميها.. نحن الان نبحث عن جذب الاستثمارات الاجنبية او غير السعودية.
بل ان مؤسساتنا الحكومية سهلت الكثير من الشروط لجذبها.. أليس من الاولى استعادة اموالنا المهاجرة لكل مكان للاستثمار؟
المنطق الاقتصادي يؤكد ضرورة استثمار الاموال الوطنية وتسهيل الشروط عليها وعدم تركها للهجرة فهي تحقق استثمارا في المال والبشر.. لو تتبعنا اموالنا المهاجرة لوجدنا انها خلف انتعاش اقتصادات الكثير من الدول.. ثم يذهب المواطن السعودي لدفع الاموال لشراء شقة في بلد عربي أو غير عربي باموال سعودية.. لمستثمر سعودي او شريك سعودي.. هناك وهناك ونحن مشغولون بجذب الاستثمارات الخارجيه..، اما المواطن البسيط فهو يعمل ويعمل ويوفر جزءا من دخله.. ثم يذهب بحثا عن ترفيه بريء في دول الجوار التي يشعر فيها المواطن ان اليوم ساعاته اطول واكثر متعة وتساعده على التعايش مع نفسه ومن حوله دون وصاية من هذا او ذاك.
اموالنا تهاجر عبر اكثر من مسار ولاكثر من سبب فهي تارة تهاجر لان المواطن يبحث عن ترفيه بريء تم تحريم العديد من وسائله من باب سد الذرائع او رفضه هنا بينما نفس المواطن يدفع امواله بسخاء في دول الجوار.. التي باتت تقيم انشطتها وفعالياتها السياحية وفق جدول الاجازات السعودية.. لمعرفتها باحتياجات الاسرة السعودية.. مع ان تلك الفعاليات ليست خارجة عن القيم الاسلامية بل تتفق معها ومع احتياجات الاسرة السعودية، والشاهد ان بعض من يرفضونها في الداخل يدفعون اموالهم للاستمتاع بها في الخارج..؟!
هجرة الاموال السعودية باتت تحديا امام المخططين الاقتصاديين وعليهم مسؤولية استعادتها بدءا باموالنا المهاجرة للاستثمار في الخارج ومعالجة الاسباب ايا كانت وبسرعة ومن جذورها.. ايضا جذب الاستثمارات الخارجية وتحفيزها للعمل والاستثمار في قطاعات معينة يحتاجها الاقتصاد الوطني مثل الصناعات الكبرى والابراج السكنية التي من شانها فتح مجالات عمل للشباب السعودي وايضا مواجهة الاحتياجات الخاصة بالمواطن وعلى رأسها مشكلة الاسكان.
هجرة الاموال السعودية تاتي عبر اكثر من باب ونافذة وحان وقت استعادتها فمن يرى إقبال الاسر السعودية مع كل إجازة يعرف يقينا ان مليارات من الريالات تذهب خارج العملية الاقتصادية الوطنية ولكن للاسف لا حلول حتى يومنا في الافق.. ومن يرى الاستثمارات السعودية في الخارج ايضا يرى ضرورة عودتها.. لابد من حراك وحراك قوي وفاعل ينفض كل المعوقات التي تواجه هذا الحل او ذاك.

د / هيا عبد العزيز المنيع
جريدة الرياض