أصبحت قصة الحوثيين قاسمًا مشتركًا في معظم وسائل الإعلام في السنوات الخمس الأخيرة، وهي من القصص المحيرة حيث تتضارب فيها التحليلات، وتختلف التأويلات، وتضيع الحقيقية بين مؤيِّد ومعارض، ومدافع ومهاجم!
فمن هم الحوثيون؟ ومتى ظهروا؟ وإلى أي شيء يهدفون؟ ولماذا تحاربهم الحكومة اليمنية؟ وما هو تأثير القوى الخارجية العالمية على أحداث قصتهم؟ هذه الأسئلة وغيرها هي موضوع مقالنا، والذي أرجو أن ينير لنا الطريق في هذه القصة المعقَّدة..
تحدثنا في المقال السابق "قصة اليمن" عن تاريخ الحكم في اليمن بإيجاز، ورأينا أن الشيعة الزيدية كان لهم نصيب في الحكم فترة طويلة جدًّا من الزمن تجاوزت عدة قرون، وأنهم ظلوا في قيادة اليمن حتى عام 1962م عندما قامت الثورة اليمنية. وأوضحنا الفرق بين المذهب الزيدي الذي ينتشر في اليمن، والمذهب الاثني عشري الذي ينتشر في إيران والعراق ولبنان، والذي فصَّلناه بشكل أكبر في عدة مقالات سابقة: "أصول الشيعة" و"سيطرة الشيعة" و"خطر الشيعة" و"موقفنا من الشيعة". وذكرنا في المقال السابق أن نقاط التماسّ بين الشيعة الزيدية والسُّنَّة أكبر من نقاط التماس بين الشيعة الزيدية والاثني عشرية الإمامية، بل إن الاثني عشرية الإمامية لا يعترفون أصلاً بإمامة زيد بن علي مؤسِّس المذهب الزيدي، وعلى الناحية الأخرى فإن الزيديين لا يقرون الاثني عشرية على انحرافاتهم العقائديَّة الهائلة، ولا يوافقونهم على تحديد أسماء اثني عشر إمامًا بعينهم، ولا يوافقونهم في ادّعاء عصمة الأئمة الشيعة، ولا في عقيدة التقيَّة، ولا الرجعة، ولا البداءة، ولا سبّ الصحابة، ولا غير ذلك من البدع المنكرة.
وقلنا كذلك إنه لم يكن هناك وجود للاثني عشرية في تاريخ اليمن كله، إلا أن هذا الأمر تغيَّر في السنوات الأخيرة، وكان لهذا التغيُّر علاقة كبيرة بقصة الحوثيين.