قد لا يعجب مقالي اليوم الكثيرين، ولكنه محاولة لتغيير ثقافة خلقت تصورا خاطئا عنّا وعن طريقة تعاملنا فيما بيننا ومع الآخر.
تبدأ الرحلة من مطاراتنا التي هي واجهة بلادنا الحضارية لتتفاجأ بطوابير العمالة الوافدة التي تصطف أمام الجوازات وذلك الموظف الذي يصرخ فيهم (روح.. روح.. امشي.. امشي هناك.. انت ما يفهم!!) وقد يتطور الأمر إلى الدف وأبعد من ذلك، والآخر الذي يراقب القادمين ليطلب من كل شخص يلبس بدلة أو سروال جينز التوجه إلى كاونتر الأجانب بلهجة أوردو-عربية صارمة وهو موقف تعرضت له شخصيا والكثير من الطلاب المبتعثين قبل أن يرى الجواز الأخضر يرفرف خارج جيوبنا.
موظف ثالث يتعامل مع جوازك بكل استهتار عندما يرميه على طرف الكاونتر دون إدراك لقيمته الرمزية، بينما الآخرون يتبادلون الأحاديث أمام مكتب جانبي غير آبهين بالازدحام الحاصل، وما أن تتعدى هذه المرحلة حتى تتفاجأ بالعامل الأجنبي الذي يدفع بعربة الحقائب وقد تطبّع بطبعنا وأصبح يتعامل معنا بنفس الأسلوب الذي تغيب عنه الابتسامة والترحيب.
عند المكان المخصص لاستقبال المسافرين يقترب منك العشرات واحدا بعد الآخر وهم يرددون (سيارة يا الأخو؟.. مشوار؟.. مشوار؟..) وكأنهم يحاولون اختطافك لا توصيلك.
لنعد إلى المطار ولنبدأ هذه المرة مع موظف خطوط الطيران الذي لم يسمع بشيء اسمه ابتسامة بل هو دائما في قلق وعجلة وكأنه في غرفة طوارئ، فلا أهلا وسهلا ولا توصل بالسلامة، بل أحيانا ولا حتى كلمة واحدة وهذا ما حصل معي قبل أيام.
موظف آخر يتعامل مع مسافرين من كبار السن من إحدى الدول الآسيوية بملامح حادة وكأنه سيضربهم بعد أن حاولوا استرحامه لقبول تمرير عفشهم دون دفع رسوم إضافية للوزن.
وفي التفتيش رجل بلباسه الرسمي يضع رجله على الطاولة وهو يمسك بكاسة شاي أو يطالع جواله بينما زميله الآخر يؤدي عمله ويعود له من وقت لآخر لاستكمال الدردشة والسواليف.
قولوا غلطان أو تبالغ، ولكن هذا ما حصل ويحصل عندنا وياليته في مطار إقليمي بل في أحد مطاراتنا الدولية.
في الأخير.. تحية لأولئك الذين لم يتغيروا مع الموجة وحافظوا على الصدقة في ابتساماتهم وأخلاقهم العالية والذين أتمنى أن أقابل الكثير منهم في رحلتي المقبلة.
محمد الطميحي