قبل البدء: بلادنا الشامخة المملكة العربية السعودية وملكنا عبدالله بن عبدالعزيز القائد المُحنّك لا يُضيرنا ناعق ولا يعيق مسيرتنا الغوغاء.
أما بعد:
هناك نوعان من هواتف العُملة أحدهما وهو الأساس الهاتف العمومي الواقف برجلٍ واحدة على ضفاف الشوارع أو داخل (كابينة) يُتيح الاتصال والتحدث عبره كلّما تم تلقيمه بالنقود المعدنية وأشهر هذه الهواتف بشكلها المُميز تلفون لندن بصندوقه الأحمر المزجج من كل جانب. أعتقد وقد أكون مخطئاً أنه الوحيد الباقي على قيد الحياة والاستخدام بعد أن شيّع الهاتف المتنقل سلفه (أبو عُمله) في معظم البلدان ومنها بلادنا.
النوع الآخر هاتف عُملة (بشريّ) حيث أطلق الناس على من يُؤجر نفسه ولسانه وحتى مبادئه لحزبٍ أو طائفة أو جماعة أو دولة لكي يروّج لها ويسوّق سياستها وأفكارها وتلميع صورتها في وسائل الإعلام بأجرٍ كهاتف العملة يستمر في الشغل ما دامت النقود تُلقّم في محفظته ويتوقف إذا توقفتْ. ازدهر سوق هاتف العملة البشريّ في زمن الستينيات والسبعينيات من القرن الميلادي الماضي وكان هناك أسماء لأشباه مثقفين وإعلاميين عرب يُقيمون غالباً في أوروبا وخصوصاً لندن امتهنوا هذا النوع من (الشغل). تدفع لهم المنظمات أو الحكومات التي لها مواقف مشبوهة لكي يُدافعوا عنها ويُشرعنوا خروجها على القوانين والتعهدات الأممية ويتستروا على جرائمها ودنيء دسائسها.
كان لبلادنا بسبب مواقفها النزيهة من قضايا المنطقة والعالم نصيب الأسد من شتائم هواتف العُملة ورغم ذلك استمرتْ سياسة حكومتنا على نهجها الواضح الرزين والقيام بدور ألإطفائي الذي يُخمد الحرائق ويزرع مكانها سنابل الأمن والسلام. وكما مات هاتف العملة (الجهاز) اختفى بدوره الآخر(البشري) بسبب زيادة وهج وعي أفراد المجتمعات وانكشاف عورات هؤلاء المُهرجين.
اليوم.. مع اشتعال الأزمات في العالم العربي وتكاثر أوعية الاتصال والإعلام الصادق منها وفاقد المصداقية عاد هاتف العملة (البشري) يعمل من جديد وازدهرت تجارته حين وجدتْ المحطات المشبوهة ضالتها في نوع جديد من هذه الهواتف ماركة (كاذبٌ بشريحتين) شريحة مع طرف وأخرى مع طرف مُضاد. يتنقل بين المحطات الفضائية على مدار الساعة يقول في الصباح كلاماً ويناقضه في المساء. يقف مع طرف (أ) ويناصره ثم وبضغطة زر الريموت تجده مع طرف (ب) ضد طرف (أ) وهكذا. يُمكن معرفة درجة كذبه على مقياس (دولارختر). إنّه (عبد الدولار).
بقلم عبد الله ابراهيم الكعيد
الرياض