المدرسة الصولتية
المدرسة الصولتية في مكة المكرمة هي واحدة من أقدم مدارس التعليم النظامي بالمملكة العربية السعودية. نشأة المدرسة
أسس هذه المدرسة الشيخ محمد رحمت الله الهندي العثماني الحنفي الذي جاء إلى مكة المكرمة عام 1274هـ من الهند، وأذن له بالتدريس في الحرم المكي، ولم تكن هناك مدرسة منهجية في مكة فأسس أول مدرسة على نفقته الخاصة وبمفرده في المسجد الحرام، إلا أن وجود مدرسة في محيط الحرم لايؤدي الغرض المنشود من حيث تنظيم الدراسة كما كان يتطلع الشيخ محمد رحمة الله وذلك على غرار مدارس الهند الإسلامية العريقة والجامع الأزهر بالقاهرة وغيرها من المدارس الإسلامية المنتشرة في ذلك العهد في بعض البلدان العربية، وقام أحد أمراء الهنود المهاجرين والمقيمين في مكة المكرمة وتبرع ببعض الأماكن من داره وانتقلت مدرسة الشيخ رحمة الله إلى هذه الدار مشكلة نواة مدرسة مستقلة على نهج جديد، والتحق عدد كبير من الطلبة من أهل مكة المكرمة حتى ضاقت أماكن الدار بالطلاب فعاد الشيخ ونقل نصف طلابه إلى المسجد الحرام، وترامت أخبار هذه المدرسة الجديدة وعلمت بالأمر امرأة ثرية من الهند تسمى صولت النساء كانت قد قدمت في موسم الحج عام 1289هـ وأرادت إقامة رباط فااستشارت الشيخ رحمة الله في ذلك فعرض عليها بأن مكة مليئة بالأربطة ولكن ليس بها مدرسة يتعلم فيها أبناء المسلمين، فحبذت الفكرة، وتبرعت بقسط وافر من مالها الخاص وشيدت المدرسة في حي الخندريسة بحارة الباب جوار المسجد الحرام في عام 1290هـ، وانتقل الطلاب ومدرسوا مدرسة الشيخ رحمة الله إلى هذه البناية الجديدة، وتخليداً لذكرى هذه المرأة واعترافاً لجميلها أطلق المؤسس اسم الصولتية على هذه المدرسة.
أهداف المدرسة
في البداية كانت المدرسة مقصورة على نشر العلوم الدينية واللغة العربية ومحو الأمية وغرس الفضائل في نفوس النشء الحديث، ثم أدخلت المدرسة علوماً أخرى مثل العلوم الاجتماعية والعلوم الرياضية.
مبنى المدرسة
إلى جانب المبنى السابق والذي تأسست به المدرسة عام 1292هـ توسعت المدرسة وأصبح لها أربع بنايات ومسجد.
مكتبة المدرسة
للمدرسة مكتبة علمية للقراءة والبحث، بدأت بنواة مكتبة الشيخ رحمة الله (المؤسس) وتضم مجموعة من الكتب القديمة النادرة والمخطوطات ، ويرتادها الطلاب في غير أوقات الدرس وتقديم الكتب العلمية للقراءة والإستعارة ، ويوجد أيضاً بالقسم الثانوي مكتبة صغيرة بها عدد من الكتب وهي خاصة بالمطالعة لطلاب القسم.
فروع المدرسة وخريجوها
كان عهد مؤسس المدرسة الشيخ رحمة الله الذي استمر لمدة 16 عاماً شهد إنشاء ثلاثة فروع للمدرسة الصولتية في محلة أجياد والمسفلة والهجلة بمكة المكرمة، فبعد أن تخرج من المدرسة على يد الشيخ علماء كبار قاموا بتأسيس مدارس أهلية بمكة ومنهم الشيخ عبد الحق قارئ الذي أسس المدرسة الفخرية، والشيخ عبد الخالق البنغالي الذي أسس المدرسة الإسلامية المعروفة بدار الفائزين، والشيخ حسين خياط الذي أسس المدرسة الخيرية وولدت بعدها فكرة مدارس الفلاح التي تأسست على يد الشيخ محمد علي زينل في جدة عام 1323هـ، وبعد سبع سنوات افتتحت فرعاً لها في مكة المكرمة عام 1330هـ، وكان التعليم فيها بدون مقابل بعد أن كان ينفق عليها زينل من حسابه الخاص. وكانت هذه المدارس أول ما أنشئت بمحلة القشاشية بمكة ثم انتقلت إلى محلة الشبيكة سنة 1362هـ، بعدها انتقلت إلى مبانيها الحالية بساحة إسلام عام 1410هـ. وشجعت هذه المدارس قيام مجموعة من الطلاب بتأسيس عدد من المدارس في بلدانهم في جنوب شرق آسيا بعد عودتهم إليها، ولا تزال هذه المدارس قائمة إلى الآن وهي بمثابة كليات وجامعات يتخرج منها أبناء المسلمين إضافة إلى زيادة حلقات الدروس بالمسجد الحرام.
وقد ازدهرت الصولتية في عهده وتخرج منها عدد كبير من القضاة والعلماء وشيدت على يده عمارة ضخمة للمدرسة ذات ثلاثة أدوار لا زالت من آثاره المباركة وقد جلب من البلدان العربية ومن الهند علماء أفذاذا للتدريس في المدرسة وطور مناهجها وادخل علوما وكتبا جديدة لم تكن متداولة في البلاد كالفلسفة الإسلامية والمنطق وعلم الكلام والمناظرة والبيئة والجبر والمقابلة وادخل تدريس حجة الله البالغة ومقدمة ابن خلدون وظل في خدمة المدرسة وإدارتها زهاء خمسين سنة متوالية إلى أن توفاه الله في 17 ذي القعدة عام 1357هـ .
ولقد امتدح أحد الشعراء هذه المدرسة بأبيات من الشعر فقال :
أم الــمدارس لا بـــــرحـــت عـظيـــمة بالنور يبزغ من سنـــــاك ويـــنشر
قـــد خــــلـد التـــاريخ عــنك مـآثرا يزهو بها العلم الصحيـــح ويــــفخر
قــد كـــنت أول مـعـهـد بــاهــت به أم القـرى وهــفـــا إلــــيه الأكـــثر
وتثقفـت فـيك الرجـال عــلى الـتقى والشرق في فوضى الهوى يتدهور
فامضي إلى الأهداف واسعة الخطى فلأنـــت أحـــرى بـــالـــثناء وأجدر

جمعته لكم |طوفان|