هو انس بن مالك الانصاري من بني النجار من قبيلة الخزرج ، ولد بالمدينة سنة عشر قبل الهجرة ، وقد اسلمت امه ام سليم بنت ملحان ، وأخذت تلقن ولدها الاسلام . وعندما هاجر الرسول الى المدينة جاءته ام سليم مصطحبة ولدها انسآ ، وكان طفلآ في العاشرة من عمره ، وقد نذرته لخدمته ، ومنذ تلك اللحظة صار انس يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقه عشر سنين حتى توفى الرسول صلى الله عليه وسلم وأنس في العشرين من عمره ، وقد ظل أنس بارآ بأمه محبآ لها معترفآ بفضلها حتى وفاته .
_ علمه وفضله :
يكفي ان يقال عن أنس بن مالك أن الذي علمه وأدبه ورباه هو معلم الانسانية كلها رسول الله صلى الله عليه ويلم وليس من قبيل الصدفة ان يلتحق انس بخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سن العاشرة حتى سن العشرين ، بل لعل اختيار من الله سبحانه وتعالى ، في هذه المرحلة يكون الانسان اكثر قابلية للدرس والحفظ والاستيعاب ونقل العلم بأمانة ، وعندما مات انس قال الرواة عنه : ( ذهب نصف العلم ) .
صفته وصفاته :
كان انس بن مالك حكيمآ مهيبآ ، وقد ظل محتفضآ بصحته وصفاء ذهنه وذاكرته حتى تجاوز المئة ، ولم يعجز عن الصلاة في المسجد أوالصوم إلا في السنة الاخيرة من عمره ، وقد افطر وأطعم ثلاثين مسكينآ ، وقد اشتهر عنه انه مجاب الدعوة ، جاء إليه جماعة من البادية وقالوا له : ( يا ابا حمزة جفت ارضنا وعطشت ) ، فخرج إليهم وصلى ركعتين ودعا ربه فتجمع السحاب والتأم نظمه ثم امطرت حتى ملأت البطاح .
_ جهاده في سبيل الله :
لا شك ان خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبته في غدواته وروحاته هي نوع من الجهاد العظيم في سبيل الله ، وقد سئل انس في اخر ايام حياته فقيل له : أي عمل في حياتك ترجو به رضا الله عنك ؟ ، فقال : لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين وكفى .
وقد شهد مع رسل الله المغازي كلها ، وعندما حضرت الوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم جأءه انس وقال له : يا رسول الله ، انا خويدمك انس فأدع الله لي ، فدعا له الرسول : اللهم اكثر ماله وولده وأدخله الجنة ، وقد استجاب الله لدعوة نبيه ، فكثر مال انس ، وكثر ولده حتى بلغوا مئة وستة بين ذكور وإناث ، وقد توفى سنة ٩٥ هجري وعمره مئة وسبع سنوات .