{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } فماذا قدمنا نحن ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الواحد العلي، الواجد الغني، الطاهر عن كل عيب، الظاهر له كل غيب، الذي صفت بدائع آلائه وراقت، وضفت سوابغ نعمائه وفاقت، حمداً يوافي نعمه العظام التي لا تحصى كثرتها عدداً، ويكافئ مننه الجسام التي لو كان البحر لها مداداً لم تنفذ ولو جيء بمثله مداداً.
والصلاة والسلام الأتمان على نبيه المنقذ من الضلالة، المستقل بأعباء الرسالة، المبعوث من أكرم الأعراق وأحسنها، المنعوت بمكارم الأخلاق وأحسنها، وعلى آله الأخبار المنتخبين، وعلى أَصحابه الأخيار المنتجين، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وعلى النبيين وآلهم أجمعين، وعلى كل عبد صالح إلى يوم الدين، آمين آمين آمين.
اما بعد هذه بعض من المواضيع عن حال بعض السلف الصالح وما كانوا عليه من عباده في جوف الليل
وكم نحن مقصرين مع هؤلاء ألصفوه الذين اختارهم الله واصطفاهم ليكونوا لنا قدوة ولكن أين نحن منهم
فهذا رجل يقدم سوءال ولكن في صيغة تعجب ودهشة الى مركز الفتوي يقول :
أرغب في أن أسأل كم ساعة كان ينام الصحابة إذا كانوا يقومون الليل كله فهل كانوا ينامون في النهار؟وأرجو التفسير الدقيق لقول الله عزوجل
" كانوا قليلا من الليل ما يهجعون"
الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم كم ساعة بالضبط كان ينام الصحابة رضي الله عنهم، لكن الذي نعلمه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينهاهم عن الصلاة كل الليل، ويأمرهم بإعطاء أجسادهم وعيونهم حقوقها من النوم والراحة، كما في حديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ألم أخبر أنك تقوم الليل، وتصوم النهار؟ قلت: بلى، قال: فلا تفعل. قم ونم وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزورك عليك حقاً.." رواه البخاري.
يقول الإمام النووي: وأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل كله فهو على إطلاقه، وغير مختص به، بل قال أصحابنا: يكره صلاة كل الليل دائماً لكل أحد، وفرقوا بينه وبين صوم الدهر في حق من لا يتضرر به، ولا يفوت حقاً، بأن في صلاة الليل كله لابد فيها من الإضرار بنفسه، وتفويت بعض الحقوق. ا.هـ 8/21.
وأما عن تفسير قوله تعالى: (كانوا قليلا من الليل..) فيقول ابن كثير رحمه الله، وقوله عز وجل: "إنهم كانوا قبل ذلك" أي في الدار الدنيا "محسنين"، كقوله جل جلاله: (كلوا واشربوا هنيئا...).
ثم إنه تعالى بيَّن إحسانهم في العمل، فقال جل وعلا: (كانوا قليلا..) اختلف المفسرون في ذلك على قولين:
أحدهما: أن ما نافية، تقديره كانوا قليلا من الليل لا يهجعونه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم تكن تمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئاً، وقال قتادة عن مطرف بن عبد الله: قلَّ ليلة لا تأتي عليهم إلا يصلون فيها لله عز وجل، إما من أولها وإما من أوسطها، وقال مجاهد: قلَّ ما يرقدون ليلة حتى الصباح لا يتهجدون، وكذا قال قتادة، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه و أبو العالية: كانوا يصلون بين المغرب والعشاء، وقال أبو جعفر الباقر: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة، والقول الثاني: أن ما مصدرية تقديره كانوا قليلاً من الليل هجوعهم ونومهم، واختاره ابن جرير.
وقال الحسن البصري: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون كابدوا قيام الليل فلا ينامون من الليل إلا أقله، ونشطوا فمدوا إلى السحر، حتى كان الاستغفار بسحر، وقال قتادة: قال الأحنف بن قيس: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، كانوا لا ينامون إلا قليلاً، ثم يقول: لست من أهل هذه الآية. ا.هـ
والله أعلم.
المصدر
اسلام ويب