العدالة الدولية.. فيلم أمريكي !

اعترف نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني أحد (أصقر) صقور المحافظين الجدد في زمن أن طبيبه أجرى تعديلات على جهاز منظم القلب المزروع له خوفا من أن يخترق الإرهابيون الجهاز ويوجهون له صدمة إلكترونية قاتلة!، هذا التحسب من اختراق افتراضي عالي الدقة يعكس درجة تحفز الأمريكان غير الاعتيادية لصد الإرهاب عن ديارهم ومواطنيهم ومنشآتهم ومسؤوليهم مع الاستعداد لكل الاحتمالات بما في ذلك الاحتمالات نادرة الحدوث ولكنهم في الوقت ذاته يساهمون عبر سياساتهم الخارجية ــ وخصوصا في الشرق الأوسط ــ بصناعة أعظم المبررات للتنظيمات الإرهابية كي تجند المزيد من الشباب الحائر الذي يستحيل أن يثق بأكذوبة (العدالة الدولية) بعد الاتفاق الأمريكي الروسي على بقاء بشار الأسد في الحكم رغم كل مجازره المروعة التي توجها بجريمة قصف المدنيين بالأسلحة الكيماوية، من تراه الذي سوف يعول على الاحتجاجات السلمية بعد أن رأى الشعب السوري يباد على الهواء مباشرة دون أن يستطيع المجتمع الدولي أن يحرك ساكنا، بل على العكس من ذلك لقد تغاضى المجتمع الدولي عن عمليات إمداد الديكتاتور بالسلاح والرجال من قبل حلفائه في روسيا وإيران وحزب الله ومنع تسليح المعارضة السورية التي حاولت حماية المدنيين بعد أن قمعت الثورة السلمية بالحديد والنار والبراميل المتفجرة التي تلقى من الطائرات فتهدم البيوت على رؤوس أصحابها؟، كيف لا يزدهر الإرهاب وهذا هو الحال؟، باختصار الأمريكان يريدون أن يبعدوا الإرهاب عن ديارهم ــ وهذا من حقهم ــ ولكنهم في الوقت ذاته يريدون أن يستمتعوا بزراعته في ديارنا.. يغلقون منافذ الإرهاب حتى أمام منظم لضربات قلب مسؤول سابق ويتركوننا لجحيم السيارات المفخخة... (قلبي على تشيني .. وقلب تشيني ما انفجر)!.
**
المعارك والمناورات الدبلوماسية اليوم هي التي تحدد صورة العالم غدا، المسألة ليست مفترق طرق تاريخيا كما يحلو للبعض أن يسمي كل أزمة سياسية بل هي أقرب ما تكون إلى مرحلة (تجديد بيانات)، من أنت؟، ماذا تريد؟، ما حجمك؟، من هم أصدقاؤك؟، من هم أعداؤك؟، وما هو أهم من ذلك كله: كم يبلغ رصيدك الاقتصادي والسياسي والثقافي في هذا العالم؟
**
عام يبقى فيه بشار الأسد كي يعدل الدستور ويقتل المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي، وعام آخر كي تنهي روسيا مفاوضاتها مع أمريكا بخصوصه ريثما ينتهي الأسد من قصف الأحياء السكنية بالطائرات والدبابات، وعام ثالث كي يتسنى له أن يدل الأمم المتحدة على مواقع الكيماوي الذي قصف به شعبه، وعام رابع كي يسلم المفتشين الدوليين الصواريخ بعيدة المدى، وسادس كي ينهي أي متعلقات خاصة به أو بحزب الله على الحدود مع إسرائيل.. وفي كل عام يموت عشرات الآلاف من الأبرياء وتكتظ المستشفيات العشوائية بالجرحى وتتشرد عائلات لا حصر لها على حدود الوطن الذي يضيع كي يبقى هذا السفاح في سدة الحكم.. تسقط العدالة الدولية!.
**
تجاهل الثورة السلمية للشعب السوري الشقيق كانت نتيجته دخول الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين والخليجيين والشيشان كي يتقاتلوا في سوريا وخروج أهل البلد من ديارهم بعد أن تحولت إلى ساحة مشتعلة للصراع الطائفي الكبير، والتراخي الدولي والعربي في إنقاذ الشعب السوري من هذه المأساة التاريخية وعدم محاكمة مجرمي الحرب وعلى رأسهم بشار الأسد سوف يؤدي حتما إلى كوارث إنسانية مروعة لن تقف عند حدود سوريا.. لا تقل إنها ليست معركتك!.
**
حين يحصل رئيس الولايات المتحدة على جائزة نوبل للسلام يصبح العالم أجمع فيلما خياليا يستحق جائزة الأوسكار!.

خلف الحربي
عكاظ