تفاعلا مع أول إصابة بفيروس كورونا لشخص أمريكي قادم من السعودية قامت قيامة السلطات الفيدرالية في ولاية إنديانا ومركز المراقبة والتحكم في الأمراض وبقية المرجعيات الصحية الأمريكية، وخلال ساعات قليلة من وصول المصاب إلى المستشفى وتشخيص المرض كانت الولايات المتحدة الأمريكية بمئات الملايين فيها على علم بالحالة وكيف تم التعامل معها علاجيا ووقائيا. لم تتكتم السلطات الصحية على الخبر خوفا على أعصاب ومشاعر الأمريكيين أو حفاظا على سمعة أمريكا أو تفاديا لقلق القادمين إليها. الخطوط البريطانية تابعت قائمة الركاب على الرحلات التي كان المريض على متنها من الرياض مرورا بلندن إلى شيكاجو، والسلطات الصحية الأمريكية تابعت كل المخالطين للمريض في انتقاله من شيكاجو إلى أنديانا، ثم من لحظة وصوله حتى مراجعته المستشفى.
ما تم بخصوص هذا المريض ليس معجزة أو عملا خارقا لا تستطيع أي سلطات صحية أخرى القيام به لو كان لديها نظام دقيق واضح كالنظام الصحي الأمريكي الذي لا يحتكم لشيء سوى الدقة في تطبيق المنهج العلمي وأحدث أساليب الكشف والاستقصاء والإجراءات الوقائية الصارمة التي لا دخل لأحد فيها سوى المسؤولين المتخصصين الذين يعرفون عملهم جيدا. واحد زائد واحد يساوي اثنين وليس صفرا أو خمسة أو عشرة، فالمسائل والحسابات ليست تقديرية أو مزاجية أو قابلة للتطويع حسب المزاج والهوى. وسائل الإعلام الأمريكية لم تمارس المواربة والتعتيم بناء على تعليمات المسؤولين لأن لا سلطة لهم عليها، ولأنها تمارس دورها كسلطة رقابية فعلية. وخلال يوم واحد كان كل مواطن أمريكي على علم بماهية المرض وكيف يتجنبه وأين يذهب إذا شعر بتطور غير عادي. شفافية مطلقة ودقة مطلقة وسرعة فائقة في التعامل مع الوضع تجعل كل مواطن لديهم يشعر بثقة واطمئنان على صحته.
كم يشعر المرء بالأسف حين نتورط في التخبط والارتباك وسوء التصرف عندما نواجه مشكلة مفاجئة أو أزمة طارئة، صحية أو غيرها، لأنه لا توجد خطط مسبقة واضحة وفريق عمل محدد وإجراءات عمل لا تحتاج إلى اجتهادات في وقت حرج، وكم نتوق إلى يوم نصبح فيه مثل الآخرين بما تكفله الكفاءات والإمكانات المتوفرة لدينا.
حمود ابو طالب
عكاظ