نصر الله و إطلالته اليومية !

حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله


حسن الرشيدي

[email protected]



مفكرة الإسلام: يتعجب المرء من كثرة الإطلالات اليومية لزعيم حزب الله في لبنان الإيراني المنشأ والتمويل من خلال الاحتفالات ليتحدث عن غزة و مذابحها وأشياء أخرى.

فهو قد خرج يوم خطاب ألقاه الاثنين قبل الماضي بمناسبة يوم التضامن والحداد مع قطاع غزة في بداية العمليات الجوية الإسرائيلية ضد غزة ثم خرج حسن نصر الله لأنصاره في احتفال لحزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت بمناسبة ذكرى عاشوراء يوم السبت الماضي

ولكن التطورات المتلاحقة التي حدثت اليوم وبعد أن كان أمس قد ظهر نصر الله في آخر إطلالة له تفسر إلى حد كبير أسباب إطلالته السياسية والرسائل التي يريد أن يوجهها و إلى أي الجهات يريد أن تصل هذه الرسائل .

فقد قال الجيش الإسرائيلي إن صواريخا من طراز كاتيوشا سقطت صباح اليوم الخميس في مدينة نهاريا الساحلية ومنطقة شلومي المتاخمتين للحدود مع لبنان أسفرت عن وقوع 5 إصابات وصفت بالطفيفة فيما انتاب السكان حالة من الهلع. وقد فتح مستشفى نهاريا خطا ساخنا للإسرائيليين كجزء من حالة الطوارئ.وقالت مصادر صحفية إسرائيلية إن عدة صواريخ كاتيوشا أطلقت من جنوب لبنان سقطت في منطقة نهاريا بالجليل الغربي شمال إسرائيل مما أدى حسب المعلومات الأولية إلى إصابة شخصين بجروح طفيفة من تطاير الشظايا وإصابة عدد آخر بالهلع. ونقل المصابون إلى مستشفى نهاريا للمعالجة. وهرعت سيارات الإسعاف إلى المنطقة. وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن القذائف الصاروخية سقطت في منطقتين بمدينة نهاريا بالذات وفي ارض خلاء إلى الشرق من نهاريا..

وأوردت وكالة رويتر نقلا عن مصادر أمنية لبنانية إن ما بين ثلاثة وخمسة قذائف صاروخية أطلقت من الأراضي اللبنانية نحو شمال إسرائيل.

وسمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر نبا مفاده أن مدفعية جيش الدفاع ردّت بإطلاق النار باتجاه مصادر إطلاق القذائف الصاروخية.وأفادت محطات تلفاز لبنانية بينها المنار أن خمسة قذائف هاون أطلقت من شمال إسرائيل سقطت في أراضي الجنوب اللبناني قرب الحدود.

وأعلن رئيس بلدية نهاريا انه أوعز إلى مديري المدارس ورياض الأطفال في نهاريا بوقف الدراسة فورا وإجلاء التلاميذ إلى الملاجئ.

و في أول رد فعل له قام غسان بن جدو مدير مكتب قناة الجزيرة في بيروت وفي اتصال مع قناة الجزيرة بإيراد احتمالات انطلاق هذه الصواريخ و هو إما أجهزة استخبارات إسرائيلية تقوم بوضع هذه الصواريخ لاستدراج حزب الله إلى حرب جديدة أو قوى متعاطفة مع ضرب غزة والمهم يؤكد جدو أنها ليست من حزب الله وعلى هذا المعنى أخذ يردد جدو هذه المعاني بطريقة مفتعلة في مداخلته على قناة الجزيرة لمدة عشر دقائق تأكيده على عدم وجود أي دور لحزب الله في هذه الصواريخ .و يلاحظ أن هذا تكرر مع صواريخ الناقورة التي نفى مسئوليته عنها حسن نصر الله بنفسه .

و سرعان ما جاء رد الفعل الإسرائيلي على نفي بن جدو وهو تأكيد حديثه أن حزب الله غير مسئول عن هذه الصواريخ .

و المعروف عن بن جدو بتأييده القوي لحزب الله والذي يطلق عليه البعض بأنه المتحدث غير الرسمي لحسن نصر الله فالذي يريد موقف حزب الله من حدث معين فليستمع جيدا لكلام وتحليلات غسان بن جدو فذلك موقف حسن نصر الله الحقيقي .

لقد تداولت وكالات الأنباء أنه بعد صواريخ الجنوب اللبناني تجاه الشمال الإسرائيلي دعت حركة أمل الأحزاب والفصائل الفلسطينية إلى اجتماع طارئ لبحث المستجدات.و يبدو من هذا الاجتماع الذي لم يعلن عن ما جرى فيه سيحاول نبيه بري أن يضبط عمل الفصائل الفلسطينية و ربما يستعمل معهم كلاما قاسيا حول ضرورة ضبط أنصارهم و خاصة الفلسطينيين فدور بري معروف في المشروع الإيراني في المنطقة : ففي الأعمال التي يتطلب فيها الأعمال القذرة العلنية تسند إلى بري بينما يبقى نصر الله محافظا على صورته النقية في لعبة توزيع الأدوار التي تمارسها القيادة الإيرانية باقتدار في لبنان .

و يبدو أن إسرائيل ترجح تورط عناصر فلسطينية في إطلاق هذه الصواريخ فقيادة المنطقة الشمالية بإسرائيل أطلقت تصريحات منذ قليل تؤكد فيها أن عناصر فلسطينية تريد توريط لبنان بحرب .

إذن فقد فهمنا السر وراء هذه التصريحات المتلاحقة من نصر الله فهذه الإطلالات اليومية لزعيم الحزب الإيراني المنشأ تحاول الالتفاف حول ردود الأفعال من أهل السنة في لبنان سواء كانوا لبنانيين أو فلسطينيين على ما يجري في غزة و تصاعد اللهجة الإعلامية في الصحف الإسرائيلية و وسائل الإعلام الأخرى عن قرب حدوث انطلاق صواريخ من الجنوب أي كان دوافعها

و قد كان لافتا الزيارة التي قام بها نيكولاي ساركوزي إلى لبنان و هو الذي أتى إلى المنطقة كوسيط للتهدئة و محاولة إخراج إسرائيل من ورطتها في حرب غزة فكان توجهه إلى لبنان غريبا و هذا البلد ليس معنيا بهذه التهدئة إلى في حالة واحدة و هو الخوف من تحرك ما ينطلق في الجنوب و تحذيره اللبنانيين من أي تحرك فلسطيني أو سني في الجنوب لدعم الفلسطينيين في غزة .

إذن لمن تسليح حزب الله القوي إذا لم يكن موجها لإسرائيل ؟

إذا لماذا لم ينصر نصر الله عمليا الفلسطينيين المتعرضين لأكبر محنة في تاريخهم منذ نكبة 48 ؟

و لماذا يتسمى باسم المقاومة ؟ يقاوم من ؟ ليس في لبنان جزءا محتلا غير قرية تسمى شبعا و هناك خلاف على أنها لبنانية أو سورية ؟

إن أهل السنة في لبنان من حقهم إذن أن يقلقوا و يعيشوا في حذر فالسلاح الإيراني مع حزب الله ليس موجها الآن إلا إلى صدورهم إن لم يقبلوا بمشاريع إيران في لبنان و ما أحداث آيار 2008 و اجتياح بيروت السنية ببعيد .

و الملاحظ في خطبة نصر الله الأخيرة بعد أن صرح و أكد على استعداد الحزب للدفاع عن لبنان و هو يعني ضمنيا أنه لن يهاجم إسرائيل و أنه يرد على رسالة يبدو أنها وصلته من إسرائيل تحذره من استغلال فرصة ضرب غزة لتحقيق أهداف سياسية له أو إيران .

فالقضية الفلسطينية قد استغلت دوما من المعسكر الإيراني و ها هي وكالات الأنباء تتناقل خبر إصدار مرشد الثورة الخمينية أوامره بحظر سفر المتطوعين الإيرانيين إلى فلسطين .

و يبدو أن إطلاق هذه الصواريخ من الجنوب اللبناني تجاه شمال فلسطين لن يخرج من أحد احتمالين :

الأول: هو إطلاق هذه الصواريخ من جانب موالين لسوريا في لبنان بغرض صرف الأنظار العالمية عن مجازر غزة و توجيهها إلى مكان آخر بعيد عن غزة .

الثاني: وهو الأرجح أن الذي أطلقه هو جماعات سنية سواء كانت فلسطينية أو سنية بعد الغضب الذي أحدثه حجم المذابح التي تجري في غزة ضد الفلسطينيين و هذه الجهة إما تكون من تنظيمات فلسطينية قريبة من فكر القاعدة أو قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية و هذا الاحتمال إن حدث فهو خطير و تحول إستراتيجي متوقع في المنطقة يتمثل في خروج تنظيمات سنية مقاومة بعيدة عن توجهات حزب الله فخريطة المقاومة في العالم الإسلامي يقودها أهل السنة في أفغانستان وفي العراق وفي الشيشان والصومال أما في لبنان فإن حزب الله الشيعي يأخذ الصورة الظاهرية بأنه يمثل المقاومة وفي فلسطين تقود حماس المقاومة ولكن توجهها السياسي جعل حزب الله يأخذ معظم الصورة وخاصة إجادته للعبة الإعلامية حتى كأن المرء لا يشعر أنه لا مقاومة في لعالم الإسلامي إلا غيره ويتناسى المقاومة في العراق التي حجمت أطماع أمريكا ليس في المنطقة فقط ولكن على مستوى العالم كله وفي أفغانستان تسطر طالبان تاريخا جديدا في الانتصار على حلف الأطلنطي وشباب المجاهدين يصنعون فجرا آخرا ولذلك جاءت الحرب على حماس في غزة معتمدة على مركزية القضية الفلسطينية في وجدان وعقول المسلمين لتضفي قوة واكتمالا وإيذان ببروز محور جديد في المنطقة: محور المقاومة السنية في مواجهة المشروع الإيراني والصهيوني بشقيه الأمريكي واليهودي وأطماعهما في المنطقة .