الأبحاث الطبية الحديثة تثبت صحة مقولات الأم
وأضيف هنا -كاتب المقال – أن الأبحاث الطبية الحديثة أكدت فعلا وجود دور للجلوتين والكازيين في مرض التوحد ، ففي دراسة نشرت في 26/8/2003 في مجلة Clinician Reviews في العد 13(7) 45-52، 2003 بعنوان “التوحد .. تحديات في التشخيص والعلاج” للباحثين جارسيا ت . هدسون ، وديان ديكسون، وتحت عنوان جانبي : التغيرات غير الطبيعية في الهضم ، قال البحث : ” اقترح العالم هوفارث ومجموعة العمل معه أن مرض التوحد ينشأ من اغراق للجهاز العصبي المركزي – مبكرا ولفترة طويلة – بفيض من أشباه المورفينات ، التي يحتمل انها مشتقة من الهضم غير الكامل للجلوتين الغذائي و/أو الكازيين . ويقترح الباحثون المحققون أيضا أن التغيرات غير الطبيعية في الهضم مثل ارتجاع المريء ، ونقص انزيم هضم المواد الكربوهيدراتية في الأمعاء ، قد تشرح جزئيا الغضب المفاجئ والسلوك العدواتي أو الاستيقاظ ليلا الذي يمر به عديد من الأطفال المتوحدين ” . ويقترح البحث أيضا أن يجرب الآباء والأمهات نظام التدخل الغذائي الخالي من الجلوتين والكازيين كوسيلة من وسائل العلاج من التوحد . وهذا يعني أن الهيئة الطبية قد اعترفت فعلا بوجود دور للتدخل الغذائي في علاج هذا المرض .
وفي بحث آخر صدر في النرويج في عام 2001 قرر الباحث أن الامتناع عن الجلوتين والكازيين يؤدي الى التقليل من السلوكيات التوحدية ، ويزيد مهارات التواصل الاجتماعي ، وفي نفس الوقت فان كسر النظام الغذائي يؤدي بالتالي الى عودة الأعراض مرة أخرى .
وتعقيبا على ملاحظة الأم المهمة بأن أعراض مرض التوحد بدأت في ابنها بعد تناوله للتعطيم الثلاثي مباشرة، والذي يتهمه كثيرون أنه بسبب احتوائه على مادة الثيوميروسال(ايثيل الزئبق) ، المستخدمة كمادة حافظة للتطعيم ، يؤدي الى التسمم بمعدن الزئبق وبالتالي الى ظهور أعراض مرض التوحد ، فان بحثا جرى في الدانمارك ونشر في شهر اكتوبر 2003 قرر أن معدلات الاصابة بمرض التوحد انخفضت في الدانمارك بعد ازالة مادة الثيوميروسال من التطعيمات . وهذا يلفت النظر بشدة الى التفكير في انتاج تطعيمات جديدة لا تحتوي على الثيوميروسال في سبيل حماية الأجيال الجديدة من هذا المرض الصعب . وجدير بالذكر أنه يمكن ازالة بعضا من مادة الزئبق السامة من الدم عن طريق أسلوب علاجي معين ، وقد تحسنت بالفعل حالات عديدة بعد العلاج .
وفي بجث نشرته مجلة (International Journal of Immunopathological Pharmacology) الصادرة بتاريخ 2003 سبتمبر – ديسمبر :16 (3) 99-189 عن الاصابة بالعدوى ، والتسمم بالكيماويات ، والببتيدات الغذائية وتأثيراتها على المناعة الذاتية في مرض التوحد ، والذي أجراه أ. فوجداني ومجموعة عمل في الولايات المتحدة يصل البحث الى النتيجة التالية :
“هذه الدراسة هي الأولي التي توضح أن الببتيدات الغذائية والسموم البكتيرية والكيماوية (ايثيل الزئبق) تتحد مع مستقبلات الخلايا اللمفية و / أو انزيمات الأنسجة مما يحدث ردة فعل مناعة ذاتية في أطفال مرض التوحد”. أي أن الجلوتين والكازيين والثيوميروسال هي بالفعل مواد متهمة في اثارة واستمرار مرض التوحد . ويتفق هكذا البحث مع الرأي الذي سجلته الأم وهو أن الأطفال المتوحدين يكونون معرضين جينيا لمشاكل الجهاز المناعي.
ان اصابة طفل بمرض التوحد هو تجربة صعبة على الوالدين والأسرة كلها ، تستدعي محاولة كل الحلول الممكنة التي ساعدت بعض المصابين بهذا المرض على الشفاء . والتعديل الغذائي المقترح من استبعاد للجلوتين والكازيين هو وسيلة ممكنة وان كانت تقتضي بعض الجهد ، ليس فقط من الوالدين ، بل أيضا من كل الجهات التي يمكن أن تساعد وتساند في انتاج هذه الأغذية الخالية من الجلوتين والكازيين ، والتي نتطلع معها الى يوم تتواجد فيه منافذ بيع لهذه المنتجات الغذائية الخاصة التي ستساعد على اعادة الصحة لأطفال أبرياء والفرحة لقلوب أسرهم المتألمة . كما أن البحث عن تطعيمات تخلو من مادة الزئبق المتهمة باحداث أضرار بأطفال التوحد هو مطلب أساسي وهام للتقليل من احتمال اصابة الأجيال المقبلة بهذا المرض