شهادة الصحابة بخيرية ابي بكر رضي الله عنه وافضليته عليهم
اخرج الامام البخاري رحمه الله : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير ابا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . ( البخاري : ٣٦٥٥ وفي رواية ( ٣٦٩٧ ) كنا لا نعدل بأبي بكر احدآ ثم عمر ثم عثمان ثم نترك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا تفاضل بينهم . زاد الطبراني : فيسمع الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره ، حديث : ٣١٣٢ .
قال الامام البخاري رحمه الله :
عن محمد بن الحنفية قال : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ابو بكر . قلت ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول : عثمان ، قلت : ثم انت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . ( ٣٦٧١ ) .
وقال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى :
وقد سمى علي رضي الله عنه اثنين من ابنائه ابا بكر وعمر . ( منهاج السنة ) . ولا شك ان التسمي باسم وإطلاقه على الولد له دلالته ومغزاه ، فالمرئ لا يختار لأولاده من الاسماء إلا احبها إلى نفسه .
فهذه شهادة من علي رضي الله عنه لأبي بكر بأنه خير الناس وأفضلهم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فمن أين للحاقدين أن عليآ كان يبغض ابا بكر ؟ وقد شهد علي رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه وذلك عند دفن عمر إلى جواره عائشة رضي الله عنها .
فقد اخرج البخاري عن ابن عباس قال : إني لواقف في قوم ، فدعوا الله لعمر بن الخطاب ، وقد وضع على سريره إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي ، يقول رحمك الله : إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرآ مما كنت اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كنت وابو بكر وعمر ، وفعلت وأبو بكر وعمر ، وانطلقت وأبو بكر وعمر فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما ، فإلتفت فإذا هو علي بن ابي طالب . ( البخاري ٣٦٨٥ ) . وفي هذا الاثر أن عليآ شهد جنازة عمر رضي الله عنهما . وفيه انه كان يرجو أن يدفن عمر مع صاحبيه ويعني بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ، وقد بين سبب ذلك الرجاء وهو شدة تلازمهم في الدنيا وكثرته فقد كانا بمثابة الوزيرين للنبي صلى الله عليه وسلم .
وهاهم يتلازمون في حياة البرزخ بعد الممات . وهذا دليل على ذكاء علي وفطنته وسعة علمه . ولا ننسى في هذا المقام أن نذكر بأن عمر رضي الله عنه هو صهر علي وزوج ابنته ام كلثوم رضي الله عنها ، وفي هذا ما فيه من دلالة على محبة علي رضي الله عنهما حتى زوَجه ابنته .
من كتاب / سيرة الخلفاء الراشدين ، د ، سليمان معرفي .